" عندما يبدأ السوق بالتداول في مناطق لا تعد تاريخية، لا تفكر بالماضي لأن الماضي سيصنع الآن "
توم وليامز في كتابه Master the market
الدكتور عبد اللطيف مصطفى في كتابه أساسيات أسواق المال يتبنى أحد أكثر النظريات حيرة في أسواق المال وهي نظرية كفاءة الأسواق والتي تنص في أحد بنودها أن النظر إلى الأسعار التي تشكلت في الماضي لا يفيد بحال لم ننظر إلى الأسعار الحالية، قد تبدو للوهلة الأولى نظرية بمنتهى السذاجة إلا أن الرابط والتدفق الرياضي لها يؤولنا لأن نحكم بأن السعر في الماضي لا يفيد بأي شكل من الأشكال إذا لم يكن لدينا قدرة على قراءة معطيات السعر الحالي، وكواليس ما يجري خلف كل شمعة وهذا ما يقصده توم وليامز في كتابه Master the market بأن السعر حينما يتداول بمنطقة لم يتداول بها قبل، أو أن التداول كان محدوداً حينها لا ينفع النظر إلى الماضي، وإنما علينا النظر إلى الحاضر، وقد خص وليامز في ذكره أهم مؤشرين في هذه اللحظة ألا وهما زخم سعر الإغلاق، والفوليوم وهما ما نحتاجهم في كون الذهب لم يزر مستوى 2050 سوى لأربع مرات فقط.
آخر التطورات الفنية
صعد الذهب في الأسبوع الماضي من مستوى 1965، إلى 2014 في وقت كتابة المقال، مع وجود نسب مرتفعة من الزخم السعري ( الزخم هو حركة الشمعة خلال الثانية الواحدة، وكلما زادت كلما أيقنا أن الاتجاه أقوى)، إلا أنه كما وضحنا في مقال بعنوان حركة الذهب لم تنتهي بعد أن شرط الصعود هو تتالي الإغلاق، إلا أن افتقار المراكز السعرية من صناع السوق هو ما يجعلنا نبقي على فكرة أن الصعود غير آمن، أي أن الصعود من هذه المستويات لن يدوم فترة طويلة نظراً لعدم وجود مراكز جديدة تدخل السوق، وهذا الصعود الحاصل والذي سيحصل هو استمرار من الزخم القادم من الخوف، ومع وجود الزخم دون وجود الفوليوم ( مراكز جديدة تفتح في السوق) تعني صعود معرض لأن يذهب في أي لحظة من خلال شمعة قوية تضرب قاع وهذا سلوك الذهب في الخطابات ونحن ننتظر خطاب لجيروم باول قريباً.
آخر الأخبار وأثرها على السعر
·انخفضت وتيرة الحرب في الشرق الأوسط ما بين الدولة الفلسطينية والكيان خصوصاً مع بدء عمليات المبادلة، ليبقى التصعيد الحاصل هو من قبل الحوثيين في اليمن مما يجعلنا نقول أن التصعيد بدأ ينحسر في ظل أطراف غير قادرة على تحويل الحرب إلى إقليمية.
·مازال الصراع في أوكرانيا قائماً مع روسيا إلا أن التركيز الإعلامي لم يكن عليها.
·ما زالت الولايات حتى هذه اللحظة تعاني من أزمة سقف الديون، إلا أن التعتيم الإعلامي، والحروب القائمة هشمت الموضوع رغم كون الولايات تتعامل مع أكبر دين تعرضت له في تاريخها المالي.
·حديث نتنياهو مع ايلون ماسك على منصة X بهدف منعه من بث الانترنت الفضائي، يجعلنا نتذكر كلام أحد عمالقة الاقتصاد وهو فريدرك هايك عندما قال أن الحكومات ستلجأ في يوم من الأيام إلى الرأسمالية، والرأسماليين وهنا علينا أن نخاف.
·المستثمرين بانتظار عوائد السندات الأميركية والتي تعد أحد أكثر الأدوات قدرة على التنبؤ بالواقع الجميل الذي ينتظر الولايات.
الخلاصة من حيث التحليل الأساسي:
إن الظروف التي يمر بها الدولار، والشرق الأوسط تدفع لبقاء أسعار الذهب مرتفعة ولا تقل عن 1980 ولكن الذي يتعلق باستمرار الارتفاع هو استمرار التصعيد ولا اعتقد أن الولايات في مرحلة قادرة بها على خوض حرب إقليمية خصوصاً أن الانتخابات قد اقتربت في ظل تعرض البلاد لأزمة ركود، وهذا ما يجعلنا نقول أن الأسعار ستبقى مرتفعة إلا ان استمرار الارتفاع هو المشروط.
التحليل الفني للسعر
" حجم التداول ( الفوليوم ) هو أساس السوق عندما لا يخبرنا تاريخ السعر بشيء"
من كتاب Master the Market
بالنظر فنياَ على الشارت اليومي نلاحظ ( دقق مع الصورة لتدرك أهمية التحليل) :
·تتركز أكبر العمليات التداولية عند 1983، مع انحساراها بشكل كبير أعلى 2000.
·تتركز ثاني أكبر العمليات التداولية الشهرية عند مستوى 1950.
·السعر يشكل نموذج الرأس و الكتفيين الاستمراري، بخط عنق يبدأ عند 2000.
الخلاصة الفنية:
إن استمرار الصعود واضح فنياً، بأن يستمر على الأقل نحو 2067، ولكن شرط هذا الاستمرار هو الاغلاق أعلى 2020 مع تأكيد من التحليل الأساسي ( سنعتمد عوائد السندات)، وإن فشل الإغلاق يعني أن السعر سيعيد اختبار 1985 كونها تحوي أكبر مراكز التجميع.
شرط تحقق التحليل الفني:
الإغلاق أعلى 2020 مع انخفاض عوائد السندات طويلة المدى (خمس سنوات)، وإذا كانت عوائد سندات الخمس أعوام أقل من عوائد سندات السنتين تعني أن المستثمرين يقبلون بأي شيء لنظراً للغموض الاقتصادي وهذا يعني ارتفاع أسعار الذهب.
بحال عدم تحقق الشرط:
إعادة اختبار أقصاه 1980
لذا بناء على التحليل نصيغ التوقع على المدى المتوسط
" السوق بيئة احتمالية، وهذه حقيقة أخبرتنا بها الرياضيات وليس رأي "
مارك دوجلاس
كوننا نعامل السوق على أنه بيئة احتمالية و أي احتمال بها وارد، ولا يمكن تفادي كثرة هذه الاحتمالات إلا من خلال أسلوب الشرط و النتيجة و الذي يقتضي بدراسة كل احتمال و شرط تحققه، وبحال لم يتحقق الشرط فإن الاحتمال لن يتحقق.
السيناريو الأول
الشرط: إغلاق أعلى 2020، انخفاض عوائد السندات
دقة السيناريو: 60%
بحال تحقق الشرط: صعود أقصى حد نحو 2060، مع بدء انحراف المستوى الطبيعي لأسعار الذهب نحو الأعلى ( أي أن نقول أن الأسعار الطبيعية للذهب ستبدأ عن 2000 وما أعلاه).
السيناريو الثاني
الشرط: عدم تحقق الشرط السابق
دقة السيناريو: 40%
بحال تحقق الشرط: اختبار 1980
على المدى البعيد
كون نسب الفوليوم الكبيرة تتركز عند 1985، والنسب الثانية عند 1950 هذا يعني أن الذهب كاستثمار بمدة لا يقل عن دورة زمنية كاملة ست أشهر، هو بهذه الأسعار، علماً أن الصعود لن يكون ربحي بحال كنت تقصد السبائك وإنما صعود قيمة أي للحفاظ على القيمة.
رأي المحلل الفني
في الختام عزيزي القارئ تذكر أن التعامل مع الذهب لا يعني أنك بأمان، وإنما التقسيم المالي وتوزيع محافظك الاستثمارية هو الأمان
المحلل: عمر الصياح
للمزيد تابعنا على التويتر...
X: @omarsyyah