يعتبر الانكماش الذي شهدته الأسواق العالمية يوم الجمعة وصباح اليوم في آسيا وأوروبا تحركًا عقلانيًا لموازنة المخاطر، بالنظر إلى أن الأحداث المفجعة في الشرق الأوسط قد تهدد بزعزعة استقرار أجزاء أساسية مختلفة من سلسلة الإمداد العالمية.
ويتمثل مصدر القلق الرئيسي في الوقت الحالي في التهديد الذي يلوح في الأفق بحدوث زيادة كبيرة في أسعار النفط، وهو سيناريو يمكن أن ينجم عن تصاعد التوتر في مضيق هرمز. ويحد هذا الممر المائي، وهو شريان حيوي لسلسلة الإمداد العالمية، سلطنة عُمان التي تتصاعد فيها التوترات أيضاً. ويجبر هذا الوضع المستثمرين على تخزين إمدادات النفط، تحسبًا لإغلاق محتمل لهذا الممر الحيوي.
بأقل من 37.5 ريال شهريًا..استخدم كوبون prosa24 واحصل على خصم إضافي عند الاشتراك في InvestingPro أو InvestingPro+ لمدة عام أو عامين. لا تفوت فرصتك في أن تنضم للآلاف من المستثمرين والمتداولين على منصة investingPro. للاشتراك اضغط هُنا واستخدم PROSA24
اضغط هنا وشاهد طريقة استخدام كود الخصم
ومن هذا المنطلق، يفرض السيناريو الحالي تهديدًا أكبر لسلاسل إمدادات الطاقة العالمية من الصراع الدائر في غزة، والذي لا يؤثر بشكل مباشر على أي خطوط أنابيب نفط حيوية.
ومن منظور سوق الأسهم، تتعزز المخاطر الوشيكة من هذا السيناريو من خلال مرونة التضخم في الولايات المتحدة، كما هو موضح في أحدث تقرير لمؤشر أسعار المستهلك.
كذلك، من المحتمل أن يؤدي التصعيد الكبير في أسعار النفط إلى إطالة أمد دورة أسعار الفائدة الحالية للبنك المركزي الأمريكي، الأمر الذي قد يكون له آثار بعيدة المدى من وجهة نظر الاقتصاد الكلي.
ومع ذلك، فإن الأمر الأكثر أهمية هو الحديث عن حركة أوسع نطاقًا في المشهد الجيوسياسي العالمي الذي لديه القدرة على تغيير التجارة العالمية كما اعتدنا أن نرى.
فبعد عقود من التقارب المتزايد بين اقتصادات العالم، تشير التحركات الأخيرة مثل التحول في المصفوفة الاقتصادية للصين في مرحلة ما بعد كوفيد-19، واستيلاء روسيا على التجارة الغربية، وازدهار التوريد القريب في أمريكا اللاتينية إلى أن العالم قد يخطو خطوات مهمة نحو منظور أكثر عولمة.
وليس من قبيل المصادفة أن يحذر جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان، المستثمرين في رسالته السنوية من المخاطر المحتملة لمثل هذه التحركات على آفاق الاقتصاد العالمي على المدى الطويل.
وقال الرئيس التنفيذي إنه: "قد تخلق الأحداث الأخيرة مخاطر قد تفوق أي شيء منذ الحرب العالمية الثانية - يجب ألا نستخف بها".
وفي حين أن المنظور الحالي، من الناحية الاقتصادية البحتة، يعد تضخمًا في حد ذاته، إلا أنه دفع البنوك المركزية على مستوى العالم إلى إعادة النظر في جودة الأصول الأساسية التي تدعم ميزانياتها العمومية. فعلى سبيل المثال، قامت الصين على سبيل المثال بمقايضة سندات الخزانة الأمريكية بالذهب بوتيرة هي الأسرع في التاريخ، مما ساعد على بقاء المعدلات الحقيقية عند مستويات مرتفعة للغاية.
وفي مواجهة كل هذه المخاطر، يميل المستثمرون بعقلانية إلى إعادة تخصيص بعض الاستثمارات في الأصول التي كانت تُعامل تاريخيًا على أنها أقل مخاطرة، وهي الذهب، والسلع الأخرى ذات العرض المحدود (مثل النفط نفسه)، والدولار الأمريكي، و الين الياباني- بالإضافة إلى العقارات.
وفي السنوات الأخيرة، ظهر أيضًا البيتكوين كبديل. ومع ذلك، لا تزال العملات الرقمية حساسة للغاية لدورات أسعار الفائدة، وهو ما قد يعيق هذا الاقتراح.
وداخل سوق الأسهم، من المرجح أن يحظى قطاع الدفاع باهتمام كبير بسبب الزيادة المحتملة في الإنفاق العسكري من جانب مختلف الدول.
وعلى الرغم من أن الوضع الإنساني مفجع ويتطلب تحركًا سريعًا وفوريًا نحو السلام، إلا أنه يجب على المستثمرين أن يلتزموا الهدوء عند التفكير من منظور استثماري بحت.
ومن هذا المنطلق، فإن العوامل المذكورة أعلاه تتحدث عن نهج موازنة المخاطر في الاستثمار أكثر مما تتحدث عن الحاجة الملحة لتغيير كامل في تركيبة المحفظة الاستثمارية أو تحرك أعمق نحو المخاطرة.
وكما أشار ديمون بحكمة في رسالته السنوية، "عندما تقع أحداث رهيبة، فإننا نميل إلى المبالغة في تقدير تأثيرها على الاقتصاد العالمي."
وفي حين أن العرض الاستثماري طويل الأجل لم يتغير، إلا أنه من الحكمة مراقبة مخاطر الاقتصاد الكلي ومعالجتها باستمرار داخل المحفظة الاستثمارية، مما يضمن اتباع نهج سليم واستشرافي لاستراتيجية الاستثمار.
***
تنويه: الآراء الواردة في هذا المقال لا تعكس بالضرورة وجهات نظر الشركة أو آرائها.