استمرت أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وأوروبا هذا العام في التحرك على مسارات متشابهة، رغم تباين التوقعات الاقتصادية والتضخمية بين المنطقتين، ويبدو أن أسواق المال تتوقع استمرار هذا التشابه. لكن هذه التوقعات قد تكون غير دقيقة.
التوقعات المتقاربة لخفض الفائدة في البنوك المركزية
تشير التقديرات إلى أن حجم خفض الفائدة المتوقع من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وبنك إنجلترا، والبنك المركزي الأوروبي بحلول نهاية العام المقبل يكاد يكون متساويًا، حيث يتوقع سوق المال أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 135 نقطة أساس، وبنك إنجلترا بمقدار 134 نقطة أساس، بينما سيخفض البنك المركزي الأوروبي الفائدة بنحو 133 نقطة أساس.
ورغم أن الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي كانا قد خفضا الفائدة بوتيرة أسرع مقارنة ببنك إنجلترا، حيث لم يخفض الأخير سوى 25 نقطة أساس مقابل 50 نقطة للبنكين الآخرين، إلا أن هذا لا يفسر لماذا تتوقع الأسواق تحرك البنوك المركزية الثلاثة بتناغم حتى عام 2025.
فمن المرجح أن يكون هناك تفاوت في المسارات بين الاحتياطي الفيدرالي والمركزي الأوروبي، حيث قد يحتاج الفيدرالي إلى تباطؤ وتيرة خفض الفائدة في 2024، بينما يُتوقع أن يزيد المركزي الأوروبي من وتيرة التيسير.
الولايات المتحدة في وضع اقتصادي فريد
تتمتع الولايات المتحدة بمرونة اقتصادية قوية ومستوى نمو اقتصادي غير متوقع، بجانب مرونة سوق العمل. ورغم احتمالية خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 150 نقطة أساس بنهاية 2024 إذا انخفض التضخم، إلا أن هذا السيناريو قد يكون مشكوكًا فيه.
وتتجه توقعات النمو في الولايات المتحدة لتتجاوز 3% مع رفع توقعات الناتج المحلي الإجمالي، في حين يتوقع أن يرتفع سعر الفائدة النهائي إلى نحو 4% بدلاً من 3%.
في المقابل، انخفض التضخم العام في منطقة اليورو دون المستوى المستهدف للمركزي الأوروبي، حيث وصلت بعض الدول مثل أيرلندا إلى معدلات تضخم تقل عن 1%. حاليًا، تتوقع الأسواق في منطقة اليورو وصول سعر الفائدة النهائي إلى حوالي 1.80%، وهو أقل بكثير من السعر الحالي البالغ 3.25%. ويرى بعض خبراء الاقتصاد أن المركزي الأوروبي قد يخفض أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس في كل اجتماع خلال النصف الأول من العام المقبل.
تأثير اختلاف أسعار الفائدة على الدولار واليورو
في الأسبوع الماضي، أشار خبراء من بنك "نومورا" إلى احتمال تحديد سعر فائدة نهائي دون 1.5% في منطقة اليورو. وإذا أصبحت أسعار الفائدة في الولايات المتحدة أعلى بكثير من أوروبا، فقد يؤدي ذلك إلى كسر توقعات السوق بشأن تراجع الدولار في 2024، مما يمنح الدولار فرصة أكبر للارتفاع.
بينما قد يكون لارتفاع الدولار وتراجع اليورو تأثير إيجابي على منطقة اليورو، إذ يمكن أن يؤدي انخفاض قيمة اليورو إلى تعزيز الصادرات وتقليل التضخم، حيث كانت قيمة اليورو التجارية مرتفعة بشكل قياسي في أغسطس الماضي، ما قد يدعم الصادرات التي تتعرض لضغوط في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها ثالث أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي، الصين.
في المدى القريب، قد يستمر التناغم في أسعار الفائدة، حيث قد يتردد المتداولون في تغيير توقعاتهم نظرًا لعدم اليقين المحيط بالانتخابات الأمريكية المقبلة. ومع تلاشي هذا الغموض، من المتوقع أن تطرأ تغييرات حتمية على أوضاع الفائدة وأسواق المال.