شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات يوم الثلاثاء في الأسواق الآسيوية، مسجلةً مستويات غير مسبوقة، وذلك في ظل المخاوف المتزايدة من السياسات التجارية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي أدت إلى تعزيز الطلب على المعدن النفيس كملاذ آمن. وتخطى الذهب أداء باقي المعادن، متجاهلًا صعود الدولار، وذلك بعد أن أعلن ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم إلى الولايات المتحدة، مع تلميحات باحتمال زيادة هذه الرسوم في الفترة المقبلة.
كما ساهمت التطورات الجيوسياسية الأخيرة في زيادة الطلب على الذهب، خاصة بعد تحذيرات ترامب لحركة حماس بإعادة الرهائن الإسرائيليين قبل نهاية الأسبوع، مع تهديدات بعواقب شديدة في حال عدم الامتثال.
واصل الذهب مسيرته الصاعدة خلال جلسة التداول، بعد أن حقق مستويات قياسية في بداية الأسبوع، حيث تجاوز سعر الأوقية حاجز الـ 2900 دولار، ووصلت العقود الآجلة إلى ذروة تاريخية عند 2968.39 دولارًا للأوقية. وفي الساعة الحادية عشر بتوقيت الرياض، كانت العقود الآجلة للذهب تتداول عند 2940.79 دولارًا للأوقية، بينما ارتفعت العقود الفورية بنسبة 0.24% لتصل إلى 2915.12 دولارًا للأوقية، بعد أن سجلت مستوى قياسيًا أمس عند 2942.69 دولارًا.
توقعات بارتفاع الأسعار:
في هذا السياق، قام بنكا "سيتي" و"يو بي إس" بمراجعة توقعاتهما لأسعار الذهب، متوقعين أن يصل المعدن النفيس إلى مستوى 3000 دولار للأوقية بحلول عام 2025. ومع ذلك، يرى بعض المحللين، مثل عمر الصياح، أن الذهب قادر على تجاوز هذا المستوى والوصول إلى 3100 دولار في المستقبل القريب.
تأثير الرسوم الجمركية على الأسواق:
بتوقيعه أمرًا تنفيذيًا يوم الاثنين، فرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم، وهي الخطوة الأحدث في سلسلة الإجراءات التجارية التي اتخذها. ومن المقرر أن تدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ بحلول 12 مارس. كما ألمح ترامب إلى احتمال رفع الرسوم الجمركية على سلع أخرى، مع إعلانه عن خطط لفرض رسوم متبادلة على الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة هذا الأسبوع.
هذه الإجراءات تأتي بعد أسبوع واحد فقط من فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الواردات الصينية، مما أثار ردود فعل غاضبة من بكين. وتخشى الأسواق من أن تؤدي هذه الخطوات إلى تصعيد الحرب التجارية بين أكبر الاقتصادات العالمية، مما قد يسبب اضطرابات في التجارة الدولية ويضعف النمو الاقتصادي. وقد دفع هذا السيناريو المتداولين إلى اللجوء للملاذات الآمنة مثل الذهب.
كما يخشى المتداولون من أن تؤدي الرسوم الجمركية، التي سيدفعها المستوردون الأمريكيون، إلى ارتفاع التضخم في الأشهر المقبلة. ومن المتوقع أن تقدم بيانات الرقم القياسي لأسعار المستهلك لشهر يناير، المقرر إصدارها يوم الأربعاء، مزيدًا من الإشارات حول اتجاهات التضخم وأسعار الفائدة.
أداء المعادن الأخرى:
في المقابل، لم تحقق المعادن النفيسة الأخرى أداءً قويًا كالذهب، حيث ارتفع الدولار بفعل الرسوم الجمركية. فانخفضت عقود البلاتين بشكل طفيف إلى 1035.50 دولار للأوقية، بينما تراجعت عقود الفضة بنسبة 0.5% إلى 32.343 دولار للأوقية. كما تأثرت المعادن الصناعية سلبًا بتعريفات ترامب، حيث انخفضت أسعار النحاس في بورصة لندن (LON:LSEG) للمعادن بنسبة 0.6% إلى 9411.25 دولار للطن.
تصعيد التوترات في الشرق الأوسط:
أضاف ترامب مزيدًا من التوتر إلى الأوضاع في الشرق الأوسط، حيث هدد بـ"فتح أبواب الجحيم" ضد حركة حماس إذا لم تقم بإعادة الرهائن الإسرائيليين بحلول يوم السبت. كما ألمح إلى إمكانية إلغاء وقف إطلاق النار الأخير بين إسرائيل وحماس في حال عدم الامتثال. هذه التصريحات عززت المخاوف من تصعيد أوسع في الصراع الإقليمي، خاصة بعد اقتراح ترامب تهجير الفلسطينيين من غزة إلى الدول العربية المجاورة، وهو ما قوبل بالرفض القاطع من قبل دول المنطقة.
في الختام، يبدو أن الذهب مستمر في جني الفوائد من البيئة الاقتصادية والسياسية المضطربة، مع توقعات بوصوله إلى مستويات قياسية جديدة قد تلامس 3100 دولار للأوقية في المستقبل القريب.