شهدت الأسواق العالمية خلال الساعات الماضية حالة من التقلبات المدروسة، في وقت تداخلت فيه العوامل الاقتصادية والسياسية لتؤثر في حركة السلع والمؤشرات الرئيسية. وبينما دعمت الأخبار الإيجابية حول المحادثات التجارية شهية المخاطرة لدى المستثمرين، بقيت المخاوف المتعلقة بالسياسة النقدية حاضرة في خلفية المشهد، مما خلق حالة من الترقب والحذر.النفط ينتعش على وقع آمال التجارة
شهدت أسعار النفط ارتفاعًا ملحوظًا، وهو ما جاء مدعومًا بتزايد التفاؤل بشأن إحراز تقدم في المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. هذا التفاؤل دفع الأسواق إلى إعادة تقييم التوقعات المتعلقة بالطلب العالمي على الخام، خاصة من أكبر اقتصادين في العالم. وتوقع المحللون أن يشهد سوق الطاقة تحسنًا في مستويات الاستهلاك بعد فترة من التباطؤ، نتجت عن التوترات التجارية المستمرة والركود الصناعي في العديد من البلدان.الذهب يتراجع رغم القلق من التضخم
على الرغم من التحذيرات التي أطلقها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي حول تصاعد المخاطر التضخمية، واصل الذهب تراجعه ليتراجع بنسبة 0.8%، ليصل إلى 3305 دولار للأونصة.
هذا التراجع يعكس تحولًا في شهية المستثمرين نحو الأصول عالية العائد، خاصة مع التقدم المتوقع في المفاوضات التجارية، ما قلل من جاذبية الذهب كملاذ آمن. لكن في المقابل، أعلنت الصين عن زيادة احتياطياتها من الذهب للشهر السادس على التوالي، بإضافة 70 ألف أونصة، ما يعكس استراتيجية طويلة المدى لتعزيز الثقة في المعدن الأصفر كأداة للحفاظ على الاستقرار المالي.البنوك المركزية: بين الحذر والتحفيز
شهدنا في الأيام الأخيرة تحركات ملحوظة من قبل البنوك المركزية التي تسعى للتفاعل مع المتغيرات الاقتصادية العالمية.
-
بنك إنكلترا قرر خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وهو ما يتماشى مع توقعات السوق، في خطوة تهدف إلى دعم الاقتصاد البريطاني في مواجهة تداعيات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي والركود العالمي الذي يهدد النمو الاقتصادي.
-
من جهة أخرى، قرر الفيدرالي الأميركي إبقاء أسعار الفائدة ثابتة، وهو قرار أثار غضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي وصف رئيس البنك جيروم باول بـ"الأحمق"، في خطوة تعكس التوتر المستمر بين البيت الأبيض وصانعي السياسات النقدية. هذه التوترات تؤكد عمق الخلاف بين الإدارة السياسية وسلطات المال، وتُظهر مدى تأثير قرارات الفيدرالي في الأسواق المالية.
وول ستريت تصعد على وقع التفاؤل التجاري
على صعيد آخر، أغلقت مؤشرات وول ستريت على ارتفاع ملحوظ، حيث صعد مؤشر ناسداك بأكثر من 1%، وذلك بدعم من إعلان الرئيس ترامب عن توقيع اتفاقية تجارية استثنائية مع المملكة المتحدة. هذا التفاؤل الكبير بإنهاء التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين يساهم في رفع معنويات المستثمرين، خاصة مع التوقعات المتزايدة بوجود انفراجة قريبة في هذه المفاوضات.
الأسواق أبدت حذرًا إيجابيًا إزاء هذه التطورات، في ظل ترقب مؤتمر مرتقب للرئيس ترامب، يُتوقع أن يعلن فيه عن أول اتفاق تجاري كبير في ولايته الثانية. هذا الإعلان قد يترك تأثيرًا واسعًا على الأسواق في الأسابيع القادمة، كما قد يعزز الاتجاه الصعودي للعديد من الأصول.
خلاصة الموقف الاقتصادي
تعيش الأسواق في الوقت الراهن مرحلة من اختبار التوازن بين التفاؤل التجاري والتوجس من السياسة النقدية. إذا تحقق التقدم في المفاوضات التجارية، فقد نشهد تحولات جذرية في توجهات المستثمرين، سواء على صعيد السلع أو العملات أو الأسهم. ومع ذلك، تبقى ردود أفعال البنوك المركزية، لا سيما الفيدرالي الأميركي، عنصرًا حاسمًا في تحديد مسار الأسواق على المدى القريب. الأسواق في حالة ترقب، حيث أن أي خطوة في السياسات النقدية قد تؤثر بشكل بالغ في حركة الأصول والأسواق المالية العالمية.