الرئيس التنفيذي لبنك أوف أمريكا يتحدث عن مستقبل الحرب التجارية في 2026
في العشرين من أبريل 2020، استيقظ العالم على مشهد لا يراه إلا من أفرط في قراءة روايات "الديستوبيا": شاشات التداول في بورصة نيويورك تنزف أرقاماً تحت الصفر. لم يكن الأمر خطأً تقنياً، بل كان "الخام الأمريكي" يتوسل لأي عابر سبيل:
"خُذ برميلاً وخذ معه 37 دولاراً، فقط أبعده عن وجهي!".
في ذلك اليوم، أصبح "الذهب الأسود" عبئاً أثقل من الذنوب، وتحول عمالقة النفط إلى باعة "خردة" يدفعون لزبائنهم "إكرامية" للخروج من المتجر.
ثغرة "الصغار" العبقرية: كيف تبتز شركة شحن ببرميل نفط؟
بينما كان كبار المتداولين يصرخون في هواتفهم، كانت هناك ثغرة "شيطانية" تلمع في عيون من يفهمون لعبة اللوجستيات.
تخيل أنك "مستثمر انتهازي" اشتريت 10 عقود (10,000 برميل) بالسعر السالب. أنت الآن تجلس وفي جيبك 370 ألف دولار قبضتها "كاش" لمجرد التوقيع على العقد.
هنا تبدأ المتعة الساخرة: بموجب العقد، يجب أن يتم التسليم الفعلي في "كوشينغ".
البائع (الذي قد يكون بنكاً تورط في العقد) يرتجف خوفاً من تكلفة اللوجستيات.
أما الكمية التي اشتريتها "صغيرة" جداً بمقاييس الأنابيب، ونقلها بالشاحنات يتطلب استئجار أسطول بتكلفة فلكية لأن الجميع يتسابق على أي وسيلة نقل.
هنا، يرفع "المشتري الصغير" سماعة الهاتف: "أنا جاهز للاستلام، أرسلوا لي النفط!".
فيرد البائع بيأس: "يا رجل، إرسال الشاحنات لهذه الكمية سيكلفني ضعف ثمن النفط، ما رأيك أن أعطيك 5 دولارات إضافية عن كل برميل كـ "بدل تسوية" وتتركني في حالي؟".
وهكذا، يربح الانتهازي مرتين: مرة من السعر السالب، ومرة كـ "فدية" للتنازل عن حق الاستلام اللوجستي. لقد تحول النفط من سلعة إلى "أداة لابتزاز شركات الشحن"!ملوك الخزانات: العمالقة الذين "اشتروا الهواء وصبّوا فيه الذهب"
وبينما كان العالم يضحك على "نكتة" السعر السالب، كان عمالقة مثل "غلينكور" و"فيتول" و"فوباك" يبتسمون ببرود. هؤلاء هم "تنانين الأرض" الذين يملكون الخزانات.
ببساطة، قاموا بشراء ملايين البراميل بسعر (سالب 30). لم يحركوا شبراً واحداً؛ النفط في خزاناتهم أصلاً، كل ما فعلوه هو "تغيير اسم المالك" في السجلات. وبعد أشهر قليلة، عندما عاد العالم للحياة، باعوا نفس البراميل بـ (موجب 30) دولاراً.
عملياً، هؤلاء حققوا ربحاً قدره 60 دولاراً في البرميل الواحد من "لاشيء".
لقد قبضوا المال ليخزنوا النفط، ثم قبضوا المال ليبيعوه. إنها أكبر عملية "غسيل أموال شرعية" في تاريخ الرأسمالية، حيث تم غسل "الفشل اللوجستي" وتحويله إلى "أرباح أسطورية".
العبرة المضحكة والمبكية
إن حادثة 2020 أثبتت أن "القيمة" هي مجرد وجهة نظر، وأن "الواقع المادي" (الخزان والشاحنة) دائماً ما يدهس "الورق المالي" (العقود والبورصة) عندما تقع الأزمة.
