توقعات سعر الفائدة تواصل الانخفاض ومع ذلك يواصل الدولار الأمريكي الارتفاع – يبدو أننا أصبحنا أمام نمط مألوف: فأسعار السلع تنخفض وتوقعات سعر فائدة الأموال الفيدرالية تنخفض ومع ذلك فإن الدولار الأمريكي يسدل ارتفاعا. وشهد النحاس يوم أمس انخفاضا بما يقرب من 8٪ في حين انخفضت العقود الآجلة للذرة نحو 4٪ - ولهذا الانخفاض أهمية أكثر مما تظن، لأن الذرة يستخدم في مجموعة هائلة من المنتجات (والأطعمة من خلال سكر الفواكه وعلف الماشية بالطبع ولكنه يستخدم أيضا في صناعة البلاستيك والأدوية والورق وأكثر من 4 ألاف منتج آخر). وكان خام غرب تكساس الوسيط قد سجل ارتفاعا بعض الشيء إلا أن خام برنت قد انخفض بعد أن قال وزير النفط في الإمارات العربية المتحدة إن منظمة الأوبك ستحافظ على قرارها بإبقاء سقف إنتاجها بدون تغيير. وفي هذا السياق من انخفاض أسعار السلع، تراجعت توقعات أسعار فائدة الأموال الفيدرالية بمقدار 5 نقاط في العقود طويلة الأجل.
ومع ذلك فقد جاءت أنباء الوظائف إيجابية مما يزيد من احتمال قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بالتشديد في الموعد المحدد. فعلى النقيض من أرقام متوسط الدخل الأسبوعي المخيبة للآمال التي صدرت الأسبوع الماضي، ارتفع مؤشر انتشار التوظيف في مسح الاتحاد الوطني للأعمال المستقلة لشهر ديسمبر بمقدار 4 نقاط مسجلا أعلى مستوياته منذ أغسطس 2007. وارتفع مؤشر انتشار أجور العمال بمقدار 4 نقاط أيضا ومسجلا أعلى مستوياته منذ يناير 2008. ويتسم هذين المؤشرين بارتباط جيد بمؤشر تكلفة العمالة، وهو أمر منطقي لأن معظم الأميركيين يعملون في الشركات الصغيرة. وبناء على ذلك فإن أخبار يوم أمس تؤكد صحة ما قلته عن أن قراءة متوسط الدخل ربما يكون شذوذا إحصائيا. وعلاوة على ذلك، ارتفعت قراءة مسح الوظائف الجديدة معدل دوران العمالة إلى 0.1%. وانخفض معدل التوظيف بنسبة 0.1% إلا إنه ظل مرتفعا بنسبة 0.3% عن العام الماضي، في حين ظل معدل ترك العمل بدون تغيير. وتتفق هذه الأرقام مع بلوغ مؤشر تكلفة العمالة نحو 2.6٪، وهو رقم جيد نسبيا ولا يجب أن يمنع مجلس الاحتياطي الفيدرالي من رفع أسعار الفائدة من وجهة نظري. وبناء على ذلك فإنني أرى أن هذه البيانات إيجابية بالنسبة للدولار الأمريكي.
المشاعر تجاه الدولار الكندي تتحول لتصبح هبوطية في ظل اقتراب زوج الدولار الأمريكي/الدولار الكندي من مستوى 1.20. وكان نائب محافظ بنك كندا تيموثي لاند قد ألقى خطابا حذرا قال فيه إن "أسعار النفط المنخفضة يصاحبها عادة ضعف في الدولار الكندي، وهذه المرة ليست استثناء" واستطرد قائلا إنه "من المرجح أن يكون انخفاض أسعار النفط، بوجه عام، أمرا سيئا بالنسبة لكندا". وقال إن بنك كندا يراقب عن كثب تأثير انخفاض أسعار النفط على النمو "والتأخير الذي قد يسببه لعودة الاقتصاد إلى طاقته الإنتاجية". وبناء على ذلك فإن تراجع أسعار النفط لا يؤدي فقط إلى انخفاض الدولار الكندي من خلال معدل التبادل التجاري وإنما أيضا من خلال السياسة النقدية. ويعني ذلك أن هذا الانخفاض له تأثير سيء بشكل مضاعف على الدولار الكندي وأن العملة من المرجح أن تشهد مزيدا من الضعف.
كان الين الياباني هو العملة الوحيدة التي سجلت ارتفاعا أمام الدولار الأمريكي وإن كان من الصعب معرفة السبب بخلاف الارتباط المعتاد بين زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني وبورصة طوكيو حيث انخفض مؤشر نيكي بنسبة 1.1٪. ومن ناحية أخرى، هناك حديث في السوق بأن بنك اليابان قد يخفض توقعاته لمؤشر أسعار المستهلكين الأساسي للسنة المالية التي تبدأ في أبريل إلى 1.5٪ أو أقل حيث أشارت صحيفة نيكي إلى أن البنك قد يخفض توقعاته النصف السفلي من نطاق 1 ٪ في بيانه الذي يعقب اجتماع 21 يناير بسبب انخفاض أسعار النفط. وسيكون هذا بمثابة ضربة قاصمة حيث إن السنة المالية القادمة كانت هي الموعد المحدد لوصول بنك اليابان إلى مستوى 2% المستهدف للتضخم. ويمكن أن يعني ذلك لجوء البنك إلى مزيد من التيسير الكمي! وفي ظل وضع هذا الاحتمال في الاعتبار، أتوقع أن تستمر الموجة الحالية من قوة الين الياباني لفترة مؤقتة فحسب.