عندما تكون الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم , وأكبر مستهلك للسلع بمختلف أنواعها على مستوى العالم ( المعادن الثمينة وغيرها , المحاصيل الزراعية والحيوانية ) ,هذا معناه أن مايجري في هذا الاقتصاد العملاق يحرك العالم ويؤثر بمستويات العرض والطلب وبالتالي ارتفاع أسعار هذه السلع أو تراجعها.لايشذ الذهب عن هذه القاعدة أبداً , حيث تبقى الصين المستهلكة الأكبر للذهب في العالم . وحسب المصادر الرسمية لمجلس الذهب العالمي وصندوق النقد الدولي تملك الصين 1842.6 طن من الاحتياطيات في الذهب , بينما تملك الهند مثلاً 561.9 طن , أمريكا تملك مثلاً 8100 طن .
أردنا أن نوضح مسألة هامة وهي أن ارتفاع الذهب التاريخي بين أعوام 2010 وحتى 2013 لم يكن فقط مرهوناً بالتيسير الكمي الهائل من قبل الفيدرالي الأمريكي وبقية البنوك المركزية الرئيسية في العالم , هذا التيسير الكمي الذي رفع معدلات التضخم وأضعف الدولار الأمريكي عن قصد بسياسة نقدية غير عبثية . هناك جانب آخر , وهي أن الصين في تلك الأعوام كانت ماتزال تحقق نمواً للناتج المحلي يفوق 8% بينما نتكلم الآن عن نسبة 6.7% تقريباً حسب المصادر الرسمية الصينية , ولذلك اذا كان علينا فهم تقلبات الذهب لا بد لنا أن ننظر الى الصين وليس الى قوة الدولار الأمريكي فقط مع أنه يشكل حالياً العامل الأهم والتحدي الأكبر للمعدن الثمين . النمو الصيني الهائل رفع من مستويات الطلب على الذهب وارتفعت أسعاره بعد ذلك الى مستويات تاريخية .
المؤشرات التي وضعتها في نهاية هذا المقال توضح تماماً الترابط بين تراجع الذهب وتراجع اليوان الصيني . فنياً هناك تشبع ببيع اليوان ولكن لاأحد يمكنه التنبؤ باجراءات بنك الشعب الصيني أو تدخل الحكومة الصينية بسعر الصرف طالما أن ترامب لاينصت لكلام الصينين بشأن الاتفاقيات التجارية والرسوم . ولابد أن نشير الى أن اليوان الصيني والذهب في أدنى مستوياتهما مقابل الدولار الأمريكي منذ كانون الثاني 2017, وعليه فان مايجري حالياً لن يستمر حسب اعتقادنا ويمكن أن تنتهي بطاولة المفاوضات بين الطرفين الأمريكي والصيني وهذا سيكون لصالح ارتفاع اليوان مجدداً وتراجع الدولار الأمريكي .