اتسم العامان الأخيران بسلسلة من الانتكاسات في المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
ففي مايو 2019 ظهرت صفقة محتملة، وهذا بعد انهيار المفاوضات سابقاً مع تزايد الاتهامات بشأن التعامل المزدوج على كلا الجانبين.
ومع اقترابنا من مراسم توقيع إتفاقية أولية في 15 يناير فقد نرى أنه سيتم التوصل إلى اتفاق بخصوص المشتريات الصينية الإضافية المعلنة، وإعلان بعض التقدم بشأن الملكية الفكرية.
حيث سيرأس الوفد الصيني إلى واشنطن نائب رئيس مجلس الدولة "ليو هي"، وقبل حفل الأربعاء أوضح الرئيس "دونالد ترامب" أنه يريد بدء محادثات على الفور بشأن اتفاق المرحلة الثانية.
بالإضافة إلى تحليل الخطاب بعد توقيع المرحلة الأولى سيبحث المستثمرون عن النسخة الدقيقة للاتفاقية لمعرفة كيفية عمل البنود التي سيوقع عليها الطرفان، وخاصة شراء بكين للسلع الزراعية الأمريكية.
على هذه الجبهة، تستوعب الأسواق بيانات فحص تصدير المحاصيل من وزارة الزراعة الأمريكية، وستكون في حالة تأهب لأرقام مبيعات التصدير يوم الخميس.
حيث ابتعد "ترامب" عن تفاصيل حول الاتفاقية التجارية مع الالتزام الذي تلقاه من الصين بزيادة مشترياتها من المنتجات الزراعية الأمريكية إلى 50 مليار دولار، والذي ما يقرب من ضعف ما اشترته في ذروة عام 2012.
يرى منتقدين هذه الصفقة إنه من غير الواقعي أن تزيد الصين من مشترياتها الزراعية بهذه السرعة، وهم يتجادلون بأن "ترامب" اختار النفعية السياسية.
هذا من خلال التوصل إلى اتفاق مؤقت من شأنه أن يهدئ الأسواق وسط حملته لإعادة انتخابه، ولكن لا يفعل الكثير لحل مخاوف الإدارة الكبرى بشأن الممارسات الاقتصادية غير العادلة للصين.
على العكس بالنسبة إلى مؤيدين "ترامب" إن النهج التدريجي كان علامة أخرى على براعة الرئيس في إبرام الصفقات.
إيجابية المرحلة الأولى من الإتفاق التجاري!
بعد يومين من التوقيع سوف يكشف عن بيانات الناتج المحلي الإجمالي من الصين، ووضع ثاني أكبر في العالم الذي عانى بسبب الحرب التجارية.
وافقت الصين على فرض حماية أقوى للملكية الفكرية الأمريكية، وفتح أسواقها أمام المؤسسات المالية الأمريكية والالتزام بمزيد من الشفافية المحيطة بإدارة عملتها.
فقد تأثر الإقتصاد الصيني بشكل كبير بعد ان تباطأ بمقدار 6.0% على أساس سنوي، وهو أسوأ معدل نمو منذ الربع الأول من عام 1992.
هذا وسط توترات تجارية مستمرة مع الولايات المتحدة، وضعف الطلب العالمي والاقتراضات الخارجة عن الميزانية من قبل الحكومات المحلية.
في المقابل كان أقل أثر على الإقتصاد الأمريكي، والذي تباطأ نحو أقل مستوى في عامين تقريباً على أثر النزاع التجاري مع نمو بمقدار 2.10% على أساس سنوي حتر الربع الثالث لعام 2019.
توسع إجمالي صادرات الصين في العام الماضي بينما تراجعت التجارة مع الولايات المتحدة، وهذا مع تصاعد الحرب التجارية بينهما.
تراجعت الولايات المتحدة إلى المركز الثالث خلف جنوب شرق آسيا، وظل الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري للصين.
انخفض إجمالي التجارة مع الولايات المتحدة بنسبة 14.6 ٪ على الرغم من أن أرقام ديسمبر أظهرت علامات تحسن.
وزادت الصادرات الصينية بنسبة 0.5 ٪ في عام 2019 في حين انخفضت الواردات بنسبة 2.8 ٪ بالدولار، وهذا وفقاً لما ذكرت إدارة الجمارك اليوم الثلاثاء.
أيضاً نرى بوادر الإنفراج قبيل توقيع المرحلة الأولى بعد إالإعلان المفاجئ الذي أصدرته الولايات المتحدة يوم الاثنين بأن الصين لم تعد تتلاعب في العملة.
هذا كما وضحنا في مدونة شركة "أوربكس" بمقالتنا السابقة "الولايات المتحدة تظهر حُسن النية قبيل توقيع الاتفاقية التجارية!".
لقد قدم التقرير نصف السنوي لوزارة الخزانة للأسواق إشارات مهمة حول سياسة الولايات المتحدة تجاه البلدان التي ترى أنها تتلاعب بعملاتها.
لكن هذا يوضح كيف حوّل الرئيس "دونالد ترامب" تقريراً تقنياً اعتيادياً حول النقد الأجنبي إلى هراوة سياسية.
وإن استخدام التقرير لوسائل أخرى كضغط لمصالح خاصة، وهذا قد يجعل الأسواق تتعامل معها بجدية أقل مستقبلياً.
الدليل على ذلك مع رفض صندوق النقد الدولي تأييد رأي "ترامب" بشأن اليوان، ورفض مسؤولون صندوق النقد الدولي بهدوء محاولات وزارة الخزانة لجذبها إلى المعركة في الوقت الذي يحاولون فيه تجنب الوقوع في المعركة الاقتصادية بين أكبر اقتصادين في العالم.
هل تنتهي الحرب التجارية مع إتفاق المرحلة الأولى؟
إن الاقتصاد الأمريكي الأقوى من المتوقع، والأسواق المزدهرة قد يمنح "ترامب" مساحة لإحياء معركته مع الصين مستقبلياً.
حيث يرى الخبراء أنه من المحتمل أن تؤدي محاكمة المساءلة الوشيكة والانتخابات الرئاسية إلى زيادة مستويات التوتر في البيت الأبيض.
أيضاً قد تثبت مفاوضات المرحلة الثانية أنها محبطة مما يوفر حافزاً لتجدد الصراع، وذلك في ظل أن الحرب التجارية ليست مع الصين فقط بل أنها متعددة الجهات.
ان التوترات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مازالت واسعة حتى الآن إلى حد كبير في ظل حرب تجارية أثارها "ترامب" ضد الصين بتداعيات اقتصادية أكبر بكثير.
من المقرر أن يلتقي "فيل هوجان" مع الممثل التجاري الأمريكي "روبرت لايتيزر" ومسؤولين أمريكيين آخرين خلال زيارة في الفترة من 14 إلى 16 يناير في أعقاب مشاحنات عامة للعلاقات في الأشهر الأخيرة بين أكبر الشركاء الاقتصاديين في العالم.
في حين أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" امتنع عن التهديد بضرب السيارات وقطع غيار السيارات الأوروبية بفرض رسوم مخيفة للغاية في الاتحاد الأوروبي.
يأتي توقيع اتفاق "ترامب" للمرحلة الأولى مع الصين في واشنطن يوم الأربعاء على الرغم من أن الرئيس الصيني "شي جين بينغ" لن يحضر.
بينما قد تستمر المحادثات حول اتفاقية المرحلة الثانية، ومن المتوقع أن تصدر الإدارة نص الاتفاق الذي سيتضمن فصل العملة.
ما يجب مشاهدته في الأسواق؟
قد يركز المستثمرون على أسواق السلع هذا الأسبوع مع التحول بالسياسة التجارية، وإعادة تشكيل العلاقات التجارية الأمريكية مع الصين.
حيث احتلت السلع مركز الصدارة في الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، ومن المقرر أن يكون توقيع المرحلة الأولى بين البلدين الحدث الأكثر أهمية هذا الأسبوع.
الذهب، مرة أخرى مع ترقب توقيع اتفاقية التجارة الصينية الأمريكية، وإصدار بيانات اقتصادية شهرية إيجابية من الصين.
أيضاً مع تراجع التوترات بشكل مطرد في الشرق الأوسط مما يحد من حالة الملاذات الآمنة في الوقت الذي كانت فيه الأسهم الأمريكية تتراجع.
كما انخفض الذهب بعد أن رفعت الولايات المتحدة تصنيفها للصين كمتلاعبة بالعملة، ومع هذا الشعور القوي بالنمو العالمي الواضح في الأسواق في جميع أنحاء العالم.
إيضاً إلى إفتقار التوترات الجيوسياسية لتقديم الدعم، والذي أدى إلى رفع أسعار الذهب فوق مستوى 1600 دولاراً للأونصة في الأسبوع الماضي.
قد انعكس هذا التحول في تدفق الموجودات من الصناديق المتداولة في البورصة ، والتي تقلصت أكثر من 20 طناً خلال الجلسات الأربع حتى يوم الاثنين.
حيث انخفض الذهب بما يصل إلى 0.8٪ ليصل إلى 1536 دولاراً للأونصة، وفقد قوته للمرة الرابعة في الجلسات الخمس الماضية.
على الصعيد لفني، ما زال الذهب يحافظ على تداولاته الأسبوعية أعلى مستوى 1530 التي تعتبر مناطق دعم على المدى المتوسط، وذا ما حافظ على تداولاته الأسبوعية أعلاها قد يعود من جديد لمستويات 1600 دولاراً للأونصة.
النفط، انخفضت أسعار النفط الأسبوع الماضي محققة أكبر إتخفاض أسبوعي منذ يوليو 2019، وامتدت تلك التراجعات حتى جلسات اليوم الثلاثاء بعد إشارات تدل على أن الولايات المتحدة وإيران تراجعت عن صراع عسكري أعمق.
ارتفعت واردات الصين من السلع الأساسية في عام 2019 محطمة بذلك سجلاتها الخاصة بالنفط الخام والغاز والنحاس المركز ولحم الخنزير، ولكن من المرجح أن تضعف وتيرة النمو لبعضها العام الجاري.
شهدت واردات الصين من النفط الخام اارتفاع إلى مستوى قياسي في عام 2019 حيث استوردت الصين 10.16 مليون برميل من النفط الخام في العام الماضي، وهذا أكثر من الولايات المتحدة في ذروتها في عام 2005 كما يتوقع أن يستمر النمو في عام 2020.
اختلفت أسواق الطاقة مع ثلاثة توقعات مستقبلية لعام 2020 مع تحليل من أوبك والوكالة الدولية للطاقة وإدارة معلومات الطاقة، ويرى "فاتح بيرول" من وكالة الطاقة الدولية إنه من غير المرجح أن ترتفع أسعار النفط بشكل كبير.
بينما قال وزير الطاقة السعودي "عبد العزيز بن سلمان" في مقابلة مع تلفزيون بلومبرج يوم أمس الإثنين.
إن أوبك وحلفائها الذين يضخون نحو نصف نفط العالم ما زالوا عازمين على المضي قدماً في خفض الإنتاج بهدف استنزاف أي مخزونات زائدة.
على الصعيد الفني، تراجع النفط الخام ليلامس متوسط متحرك 200 يوم عند 57.77 قبل ان يشهد صعود مرة أخرى.
لكن بالرغم من التراجعات الحادة منذ الأسبوع الماضي ما زال النفط الخام يحافظ على تداولاته الأسبوعية أعلى مستوى 57 دولاراً للبرميل، والذي قد يعزز من إستهداف مستويات 61 ثم 63 دولار للبرميل مرة أخرى.
- يمكنك الإطلاع على مقالتنا الرئيسية من خلال التغطية المباشرة للسوق بمدونة شركة أوربكس من (هنا).
تويتر:
Abdelhamid_TnT@
ومن Investing.com تقرأ:
المعدن الثمين الأفضل أداء لهذا العام، ماذا ينتظرنا، وهل للارتفاع استمرارية؟