العظماء السبع من أفلام الغرب الأمريكي انتج عام 1960 وتم إعادة إنتاجه عام 2016. والحقيقة أنه مستوحى من الفيلم الياباني المنتج عام 1954 الساموراي السبع، الذي يعده النقاد أهم فيلم أجنبي "غير أمريكي" شهدته السينما العالمية. فهو أكثر فيلم تم الاقتباس منه وإعادة إنتاجه. في العالم العربي قدمه للسينما عادل إمام في فيلم "شمس الزناتي" في بداية التسعينات، وسيعيد تقديمه بإنتاج سعودي ضخم ابنه العام الحالي.
ولكن من نقصدهم هنا عظماء سبع آخرين. وإن كانوا بنفس الحبكة الدرامية، يشير مصطلح "العظماء السبع" المُستخدم على نطاق واسع في وول ستريت إلى شركات "ألفابت" و"مايكروسوفت (NASDAQ:MSFT)"، و"أمازون (NASDAQ:AMZN)" و"ميتا (NASDAQ:META)" و"تسلا (NASDAQ:TSLA)" و"أبل (NASDAQ:AAPL)" و"إنفيديا". وهو مصطلح حديث نسبياً لم يمر عليه عامين تقريباً.
وإن كنا كما قلنا سابقاً بنفس الحبكة الدرامية، فهؤلاء السبع يتم الترويج لهم بأنهم من أنقذوا الأسواق من أخطار السياسات المتشددة التي اتبعها الفيدرالي لمواجهة التضخم برفع الفائدة وتثبيتها مرتفعة حتى الآن. وإن مخاطر الركود "والتي كانت مؤكدة" عام 2023 تم مواجهتها بفضل هؤلاء السبع "حتى الآن".
ورغم أن الفيلم لم ينته بعد، ورغم علم من شاهده أن العظماء السبع لم يتبق منهم سوى ثلاث نهاية الفيلم، مع الاعتراف أن الانتخاب الطبيعي كفيل بتصعيد من يملأ فراغ المفتقدين من السبعة. فقد كانت نيتفليكس (NASDAQ:NFLX) ذات يوم أحد أعظم خمسة وقد تكون شركة أخرى لا يعلمها إلا الله أعظم من الجميع ولم تدرج حتى الآن في البورصات العالمية.
وقد يكون كل ما يتعرض له السبع الكبار الآن مجرد تصحيحات رغم عنفها، وأنه من المبكر جداً توقع نهاية الفيلم. ورغم هيمنة الترويج بسردية الغرب الأمريكي على عقلية الجميع من متداولين ومستثمرين وشركات وصناع سياسات، وعلى حسب هذه السردية لا مجال أن يكون أحداً من الجانب الطيب من السردية إلا بتعاونه مع العظماء السبع.
رغم أنه في الجانب الآخر للنهر سردية أخرى، فهناك من يدفع ثمناً باهظاً لتدليل هؤلاء السبع على حساب العالم بأكمله. وأن الارتفاعات غير الطبيعية للأسهم التكنولوجية الأمريكية الحالية كانت على حساب كل الاقتصادات الناشئة مثل الصين وتركيا ومصر، وعلى حساب أسعار الغاز والنفط وصناعاتهم.
وإذا تم تكرار مأساة الدوت كوم وكانت هذه الارتفاعات مجرد فقاعة، لن يدفع ثمن هذا أحد لأنه لن يكون في مقدور أحد دفعه. وأن معظم هذه الارتفاعات صنيعة الترويج ووفرات التضخم دون حقائق ثابتة على الأرض. فسامسونج قد تنافس إنفيديا وتيك توك قد تجعل ميتا من أحاديث الماضي، وشركات مثل BYD أو NIO (NYSE:NIO) الصينية قادرة على منافسة تسلا، (NASDAQ:TSLA) وعلي بابا قادرة على منافسة أمازون، والبرمجيات مفتوحة المصدر والبلوكتشين قد تنافس مايكروسوفت وألفابت.
إلا أنه تم سحب رأس المال العالمي حكراً لأمريكا بسياسات ماكرة، صرح بايدن ذات يوم في خطاب علني أنه حقق لأمريكا ما لم يحققه غيره وكان صادقاً في ذلك ولكن على حساب العالم بأكمله. والجميع يقاوم ويمكن برهنة هذا.
فالمستثمرون والمضاربون حققوا مكاسب عظيمة من استراتيجية تضع دوران رأس المال حكراً بين العظماء السبع. فعندما تصحح مايكروسوفت يتم الضغط على الذهب فينخفض سعره مؤقتاً وترتفع إنفيديا أو أي أخرى من السبع، ثم يجني المستثمرون أرباحهم وينتعش الذهب. وعندما تصحح إنفيديا ترتفع تسلا أو أمازون أو أحد العظماء السبع، فيصحح الذهب ثم ينتعش بشكل أكبر، وهكذا.
حدثت هذه العملية مع نتائج كل الفصول منذ ثمانية فصول "عامين تقريباً". وحدث أن ارتفع السبع معاً وحقق من استراتيجية الدوران هذه أرباح عظيمة كل من كانت لديه المعلومة. فمن اشترى الذهب وهو منخفض وباعه وهو غالي استفاد، أما ضحايا الترويج والدخول في الوقت الخاطئ كانت خسارتهم مدوية أفراداً وحكومات.
ولكن لم يصحح السبع معاً حتى الآن، وقد يشكل ذلك ضغطاً عظيماً لم يسبق للسوق اختباره. ورغم أن الفيدرالي يرى أنه لن ينتصر على التضخم إلا بعودته إلى 2% ولم يتحقق ذلك حتى الآن، وصرح أيضاً أنه لن يوقفه إلا نسبة 5% بطالة، يظل التساؤل: هل سيقوم بكسر هذه الدائرة التضخمية لتحقيق أهدافه رغم غضب الأسواق ومقاومة المقاومين؟
وهل سيكون هذا الكسر آمناً أم أن سيناريو الهبوط الآمن قد تبدد مع معاندة الأسواق ووصولها إلى أرقام قياسية؟ ورغم أن نتائج إنفيديا الفصلية لن تعلن إلا نهاية أغسطس الحالي (أغسطس 2024)، لن يكون من السابق لأوانه تحديد ما يحدث للعظماء السبع. ولكن يظل التساؤل: هل هو تصحيح جماعي نشهده لأول مرة أم تصحيح جماعي عميق أم تغيير اتجاه جذري للسوق؟ حتى نهاية أغسطس "نتائج إنفيديا"، قد يكون الفيدرالي قرر تحقيق أهدافه قبيل قراره حول الفائدة في شهر 9.
والمؤكد أن الذهب لن يستفيد من توقف الدائرة التضخمية الأمريكية ولو مؤقتاً، رغم مقاومة كل من لا يرغبون في خفض سعر الذهب أفراداً وحكومات. فهل ترى أن سردية الأسواق في نهاية الفيلم ستجعل من الإدارة الديمقراطية الأمريكية شمس الزناتي أم المارشال برعي؟